تلقى فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي استفساراً من أحد القراء يقول فيه : ما حكم رقية المريض بالقرآن الكريم أو المأثور من الأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وقد أجاب فضيلته على السائل بقوله : الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد : روى مسلم عن عوف بن مالك قال : كنا نرقى في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : " اعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقى، ما لم يكن فيه شرك ". (مسلم، كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، حديث 2200). وروى عن جابر : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا : يا رسول الله، إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب ! قال : فعرضوا عليه، فقال: " ما أرى بأسًا، من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه " (مسلم، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، حديث 2199).
قال الحافظ : " وقد تمسك قوم بهذا العموم، فأجازوا كل رقية جربت منفعتها، ولم يعقل معناها، لكن دل حديث عوف : أنه مهما كان من الرقى يؤدى إلى الشرك يمنع، وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدى إلى الشرك، فيمنع احتياطًا والشرط الآخر لا بد منه". (فتح الباري 10 /195، 196). وقد ثبتت شرعية الرقية بالسنة القولية والفعلية والتقريرية. فقد رقى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه بنفسه، ورقاه جبريل عليهما السلام. وأمر بعض أصحابه بالرقية، وكذلك نصح بعض أهله وذويه. وأقر من رقى من الصحابة على فعله.
فعن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم- بإصبعه هكذا ووضع سفيان - راوي الحديث - سبابته بالأرض، ثم رفعها : " بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا " (متفق عليه، كما في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، حديث 1417). ومعنى الحديث: أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها منه شيء فيمسح به على الموضع العليل أو الجريح، ويقول هذا الكلام في حال المسح. وعنها قالت : كان إذا اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقاه جبريل. (مسلم، باب الطب والمرض والرقى، حديث 2185