كيف فهمت معنى الدعاء
في طفولتي كنت أرى الكبار يرفعون الأيادي باتجاه السماء, ثم يهمسون بكلمات تكاد تسمع, وهم يطلبون من الله الكثير, كنت أستغرب ذلك, بما أن الله تعالى يسمع, فما الحاجة للطب جهرا!!! ألا يكفي أن نفكر بالطلب ضمنيا, فيسمع الله؟؟؟؟
ولما رفع الأيدي؟؟؟ ماذا لو كان أحدنا يحمل جبيرتين ثقيلتين تمنعانه من رفعهما!!! كيف سيطلب؟؟؟؟
ولماذا النظر للسماء عند الدعاء؟؟؟ ماذا لو كان الداعي ضريرا؟؟؟؟
جميع هذه الأفكار الطفولية كانت تراودني إلى أن بلغت سنّا بدأ معها الفضول الفطري والتساؤل عن كنه الأشياء التي تحدث من حولي, كدأب كل من يسمون, مراهقون!!!!
في أحد المرات كنت في حالة خصام مع إحداهن, كانت أكبر سنّا وألحن حجة, مما أشعرني بالعجز والهزيمة!!! عندها لا شعوريا بدأت بالدعاء عليها!!! وبعد لحظة, صدمت!!!! من أين ظهرت هذه الدعوات؟؟؟؟ وكيف تسارعت على لساني وأنا كنت أتلعثم في قول دعاء أو اثنين؟؟؟؟
عندها أدركت أن حالة العجز والهزيمة, ألجأتني وبدون إدراك مني, للمركز!!!! الفطرة غير الواعية ذهبت بي للقوي القادر, كي يسترد لي حقي المسلوب, حيث عجزت عن حمايته!!!!!
وفي حين آخر, كنت أتأمل أفراد أسرتي بعين المحبة, فانتابني شعور حزين جدا!!! ماذا لو أن يد الموت أخذت أحدهم؟؟؟؟ فأنا لا أستطيع أن أكون مع الجميع لحمايته!!!! عندها انسابت الأدعية في داخلي بدفق من الترجي لحفظ عائلتي من كل شر!!!
أيضا أدركت أن عجزي عن حماية من أحب, هو سبب إضافي لللجوء إلى الله بالدعاء فهو القادر عليه!!!!
هذه الأفكار لازمتني طويلا, وازدادت توسعا وعمقا ووضوحا, لأصل لمعنى بعينه أشبع فضولي, وهو:
أيا كانت قوتنا وملكاتنا وسلطتنا,,,, فإنّا في كل وقت نحن في عجز عن أداء كثير مما نحتاجه, عندها وبلا وعيّ منّا نلجأ للمصدر, فبقدر عجزنا تكون قوة ابتهالاتنا لله القادر على كل شيء, وعندها ستنطلق الأدعية بسلاسة ودفق قد يدهشنا!!! من أين أتت تلك الكلمات؟؟؟؟ ومتى حفظناها؟؟؟؟ وكيف جرت على ألسنتا ونحن من برهة لم نظن أننا قادرون؟؟؟؟
أظن أن هذا هو معنى الدعاء,,,, هو الاعتراف بصدق وشجاعة بعجزنا أمام الله الخالق القادر على كل شيء!!!
لذلك لا عجب أن يكون الدعاء عبادة عظيمة لأنه يعبر عن مطلق عبوديتنا لله ا.
منقول