بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. وأفضل صلاة و أتم سلام على سيدنا محمد إمام كل إمام وعلى آله وصحبه ما كبّر داع واعتمر أقوام, يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم… صلى عليك الله يا علم الهدى ما هبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمائم أما بعد:
إلى سيدي ومولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم أرفع هذه الرسالة التي خُطّت بدمع المقلتين السِحاح من مسلم من آخر الزمان:
يا رسول الله عذرا
جئتك في جنح الظلام, مكسور الجناح مطأطأ الرأس فضّاح
لقوم غدر ذوي لؤم بان عوارهم عشيّة وصباح
ساسوا أمة عزّت بربها دهراً ثم خبت, فما اهتدوا ولا رشدوا بل كانوا كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ.
سيدي رسول الله… عذرا
فما عاد يحويني سكوتي والبكى أنَ لست مجبولاً على الخذلانِ
أنا في يميني الشمس تشرق عزة و أنا الثريا عزة وتفاني
أنا مسلم والمجد يقطر كالندى و العز كل العز في إيماني
سيدي رسول الله…
هذه رسالة من مسلم آخر يُرسل إلى مقامكم الشريف برسالة أخرى مع تلك الرسائل التي جف مداد كاتبيها, ليبين لك حال زمانٍ ذممته ومقتّه وأثنيت فيه على من تمسك بكتاب الله وسنتك وعمل على تطبيق ما جاء فيهما, بعد أن ولينا قطعان من ذئاب الأنس وشياطينها, جرعونا الذلّ والهوان بعد هجران كتاب الله وسنتك, فما عاد لهما مكاناً في حياتنا يا حبيبي يا رسول الله.
فأصبح القرآن يُقرأ في الجنائز وبيوت العزاء, ولتزدان به الجدران في البيوت والمحال, أما سنتك يا أبا القاسم يا رسول الله فأصبحت قصصاً تاريخية كقصص عنتر وعبلة وامرؤ القيس…
ديست كرامتنا يا رسول الله… وانتهكت أعراضنا… فصارت الأعراض تُباع في سوق النخاسة, وصار الزنا بالرضا والموافقة مباحاً, وصار تبادل الحب والتهتك والغرام في أفلام السينما والتلفاز صراحة.
ارتكبوا المعاصي والآثام وحرموا الحلال وأحلوا الحرام, وقتلوا النفس التي حرم الله واستحلوا حرمات الله…
وما عاد العلماء ورثة لكم يا معشر الأنبياء, فنطق فينا الرويبضة, واعتلى الشياطين المنابر, فأصبح الربا ربحاً, والخمر حُلّل بكميات محددة, والقمار يانصيباً خيرياً, والفاجرات خليلات, وحلّ الكفر محلّ الإيمان, وأكلت القصعة بعد أن تداعى الأكلة إليها, فما عادت فلسطين عروس الإسلام ولا العراق بلد الرشيد.
قلت عن ربك في الحديث القدسي وقوله الحق: (وعزتي وجلالي وارتفاعي فوق عرشي ، ما من أهل قرية ولا بيت ولا رجل ببادية كانوا على ما كرهت من معصيتي ، فتحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي ، إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي). رواه ابن أبي شيبة في كتاب العرش ، والعسال في المعرفة.
ولن يتغير حالنا يا رسول الله إلا إذا عملت أمتك للتغيير الجذري, فأقامت دولة الإسلام المهدومة من جديد, مطبقة الحدود, الحاكمة بشرع الله وسنتك صلى عليك الله وعلى آلك وصحبك أجمعين.
فعذراً يا رسول الله عذراً
عذراً أن جئتك بهذا الخبر وعلى هذا الحال, فكم كنت أود أن أقف على قبرك الشريف مخاطباً حضرتك مكبراً ومهللاً بعد قيام دولة الخلافة الإسلامية الثانية على منهاج صحبك الأطهار التي وعدتنا بها, فقلت: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)
كم كنت أود أن أقف على قبرك فأقول لك: ارقد بسلام يا رسول الله ولتقرّ عينك, فقد قامة الخلافة وضُربت رقاب حكامنا الخونة, وبويع الإمام التقي النقي.
ووالله إن ذلك اليوم لآت… وسيقف مسلمٌ إن شاء ربي ذات يوم ليزف لك البشرى وما ذلك على الله بعزيز, فإن الخير في أمتك باقٍ يا مهجة القلب والفؤاد, وإن الأمة تغلي كغلي الحميم على حكامها وأعدائها, وإن البركان آن له أن يثور, وأزفت ساعة النصر وإنها والله ساعة من صبر, ثم تكون خلافة.
فإلى الملتقى يا حبيبي يا رسول الله
يوم النصر وأن يُحشرَ الناس لبيعة الإمام, أو يقضي الله أمراً كان مفعولاً فألقاك عند حوضك لأقبّل منك القدم والجبينا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولأمتي
والسلام عليك ورحمة من الله وصلوات, وعلى آلك وصحبك الأطهار.