بشارة الصابر على البلاء

بسم الله الرحمن الرحيم. (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) البقرة) والله يحب الصابرين ولذلك يبشرهم (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة) وما من عبد إلا وتصيبه مصيبة والمصيبة كل شيء يثير فيك حزنًا أو همًّا الحزن على شيء قد مضى والهمّ على شيء قادم "إن من الذنوب ذنوبًا لا يغفرها إلا الهمّ للعيال" همّ الأولاد ومستقبلهم وزرقهم وكسوتهم، والحزن على ما مضى مات لك صديق ضاعت لك تجارة افترقت مع حبيب، إلخ. ولهذا "الحزين في ظلّ الله يوم القيامة" "إن العبد لتسبق له المنزل عند الله فلا يبلغها بعل فيسلّط الله عليه الهمّ ليبلغها بذلك" ومن منا ليس له همّ؟ همّ مستقبله أولاده بلده أمته كلنا مهمومون بما يجري للأمة في المستقبل هذا الهمّ فيه أعلى الدرجات وأعلى الثواب ويرفعك إلى أعلى المنازل ولهذا فإن البلاء من نعم الله سبحانه وتعالى "لا يزال البلاء يصبّ على العبد حتى يذره يمشي وليس عليه خطيئة" ما هو الجزاء؟ الجزاء مشروط أن تقول عند المصيبة - والمصيبة كل ما يحزنك أو يهمّك أو يقلقك أو يؤرقك كل شيء حتى إذا ضاع نعلك - هذا الهمّ وهذا الحزن يُشترط له أن تقول إن كان له شيء آنيّ يسمى مصيبة اي أصابك شيء تقول إنا لله وإنا إليه راجعون وهذا لا يتعارض مع كونك تبكي وتحزن حزنًا شديدًا. البكاء هذا قانون والرسول صلى الله عليه وسلم تعوذ من عين لا تدمع فالبكاء قد يكون عبادة. إذا قلت عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون تأمل ماذا أعدّ الله تعالى لك؟ (أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ) الصلوات من الملوك مدحهم إذا مدحك اللك علنًا أمام شعبه أو أمام وجهاء البلد أو في مذياع أو في تلفزيون يقال صلّى عليه الملك أي أثنى عليه وامتدحه علنًا فما بالك بصلاة رب العالمين (أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ) يثني عليهم أمام الملأ الأعلى يقول انظروا لعبادي أصبتهم بمصيبة فاسترجعوا وقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. ومن عظمة وسر هذا الجزء من الآية هذا الأثر الإلهي الذي أمرنا به عند المصيبة أنه مهما تقادم العهد بمصيبتك فإنه كلما ذكرتها وأحدثت لها استرجاعًا يعطيك ربك من الأجر بقدر ما أعطاك أول يوم. وما أعطاك أجرًا من أول يوم عظيم (أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) يعني أعطاك عطاء بلا حدود لا لشيء إلا لأن الله تعالى أصابك بمصيبة فأحدثت لها استراجاعًا وأحدثت لها استراجاعًا كلما ذكرتها حتى لو بقيت مائة عام. هكذا هو الصبر يقول تعالى (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) والله إنه لخبر عظيم وشيء صعب المنال وأنه شيء لا يعطى ولا يهدى إلا من الله سبحانه وتعالى وهذه هي البشارة (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)) فبادر بالصبر وهنيئًا للصابرين والصابرون هؤلاء زمرة عظيمة يوم القيامة (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) إذا جئت في زمرة السابقين يوم القيامة فإن الله لا يحاسبك على ذنب ويشفِّعك الله في عدد من أهلك. فلنصبر وكلنا يصاب يوميًا بما يحزنك على ما مضى أو يقلقك على ما هو قادم، هكذا هو الصبر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بشارة الصابر على البلاء W6w_200505201629065997abc5f0fb