إن الله سبحانه و تعالى اله خالق عظيم عزيز و ملك قدوس جليل , لا يعرف قدره سبحانه و لا قدر عظمته الا هو سبحانه و تعالى .
تقدست ذات الله القدوس العزيز العظيم و نفسه جل جلاله و تقدست اسماؤه الحسنى و كلامه و العظيم و افعاله و تقدست ارادته العزيزة الجليلة و تقدست صفاته العلا.
إن صفات الله سبحانه كلها صفات العظمة , وصفات عظمة الله عز وجل كلها صفات الكمال المطلق . فلله العظمة المطلقة و عظمة العظمة و كمال العظمة و جمال كمال العظمة و كمال عظمة العظمة .و يكفي من ذلك كله قول المؤمنين : سبحان الله
إن لله سبحانه صفات الكمال المطلق , صفات الكمال الذي لا يحتمل النقصان , و هي صفات رحمة و صفات عدل و صفات عز و قهر و جلال , و كلها هذه الصفات هي صفات قٌدس و صفات جمال .
إن الله سبحانه و تعالى جميل يحب الجمال .و مقياس الجمال هنا و في الوجود بأكمله هو مقياس الله عز وجل , هو المقياس الحق لله الحق سبحانه , اي ان المقياس المعتبر في اعتبار الموجود جميل او غير جميل هو مقياس الله سبحانه كما أن المقياس في اعتبار الجمال جمالا اصلا هو مقياس الله سبحانه , مقياس الله الحق الذي يؤسس الجمال و يؤسس لصرح الجمال و يضع خصوصيات الجمال و نواته و مكوناته و كنهه , ثم ركب الله سبحانه الملك الحق خالق الجمال الحق و خالق المخلوقات , ركب الله سبحانه نظام و آليات معرفة الجمال و حب الجمال و مدح الجمال و تمييز الجميل من القبيح , و بهذا تظل المخلوقات تعرف الجمال و تميزه عن القبيح من خلال ما ركبه الله سبحانه في قلوب ونفوس و عقول المخلوقات من آليات و نظم لمعرفة الجمال و استحسانه و حبه و مدحه ما لم تنحرف تلك النظم التي وضعها الله عز و جل في نفوس و قلوب و عقول المخلوقات و تزيغ عن سككها و تنحرف عن الفطرة السليمة التي خلقها الله سبحانه, رغم كون الجمال نسبي اي أن تحديد نسبة الجمال تختلف من مخلوق لاخر حسب خصوصيات كل مخلوق و خصوصيات و مكونات كل مشاهد للجمال و كل مستكشف للجمال فما يراه البعض جميلا جدا و بسبة كبرى يراه البعض جميلا و لكن بنسبة اقل , لذلك فإن الجمال إنما هو في نفس و قلب و عقل و عين الرائي الجمال جمالا , المعتبرالجمال جمالا , الحاكم على الشيء بالجمال المكتشف للجمال , فالجمال إنما هو في عين المشاهد الجمال جمالا و الحاكم على الشيء بالجمال بموازاة الموجود الجميل المرئي المشاهد.
إن الله جميل سبحانه و معنى ذلك أن الله عز و جل جميل بما أثبت لنفسه من صفة الجمال بمقياسه الحق اي ان الله سبحانه جميل النفس , جميل الذات , جميل الصفات , جميل الافعال , جميل الكلام , جميل الارادة , جميل الاسماء , فله الاسماء الحسنى , وجمال ذات الله سبحانه و نفسه و صفاته و اخلاقه و إرادته و كلامه و اسمائه إنما يحدده الله نفسه سبحانه عز و جل بمقياسه الحق و هو الحق خالق الحق إذ لا يعرف الله عز و جل و جماله و جلاله و قدره و عظمته و عزته الا هو سبحانه , و الله عزو جل الملك القدوس ليس كمثله شيء سبحانه .
- هام : علينا ان نرى و نقرأ و نتأمل و نشاهد جمال الله عز وجل في كل جمال في الوجود و نشاهد تجليات جمال الله الجميل في الكون و في الوجود .
إن كل جمال حق , عزيز , حسن , طيب في الوجود هو من تجليات جمال الله الجميل سبحانه في الوجود .
فجمال الذكريات الجميلة هي من تجليات جمال الله الجميل . و جمال الالوان و جمال السماء و الارض و الجبال و السهول و الشمس و القمر و النجوم و المطر و الثلج و الرعد و البرق و السحاب و الضباب و البحار و الانهار و جمال النباتات و الماء و الخضرة و جمال الدواب و الحيوانات و الناس و البنيان و المركبات و وسائل المواصلات و الافكار و المعاني و الاحاسيس و المشاعر و الرومانسية و الالحان و النعم وغيرها من انواع و اصناف الجمال العزيز الذي لا يحتمل الذل و لا يخالطه و لا يشوبه السوء ابدا والطيب الذي لا يخالطه الخبث كلها من جمال الله الجميل و تجليات جماله في الوجود .
و عندما نتحدث عن الجمال فإننا نتحدث عن الجمال الحق و ليس الباطل , اي الجمال الغير المنحرف اي الجمال الذي ينبتق من مصدر عزيز غير ذليل حسن غير سوء طيب غير خبيث , ولا يستجلى الا من مستشف مستقبل مستجل حق غير باطل , مستقيم غير منحرف ,عزيز غير ذليل , حسن غير سوء , طيب غير خبيث . فإنه لا ترى و لا تستجلى تجليات جمال الله الجميل الحق الا من جميل حق و مصدر جمال حق , و من مستجل جميل , و مستجل جمال حق له آليات و ادوات حق في الاستجلاء الحق .
فلا يصدر جمال حق من تجليات جمال الله الحق من مصدر جميل باطل او منحرف او ذليل او سوء او خبيث , و لا يرى و لا يستجلى جمال من تجليات جمال الله الحق الا مستجل حق مستقيم حسن عزيز طيب قد فطره الله عز وجل و جبله على استجلاء تجليات جمال الله في الوجود , و وهبه الله الوهاب ادوات استجلاء جمال الله الحق في الوجود . و إلا فإن الباطل يرى نفسه حقا , و الانحراف المحكوم بالضلال و الانتكاسة و تزيين السوء , يرى نفسه استقامة , فكم من ذليل يرى العز في الذل و كم من عزيز يرى الذل في العز , و كم من خبث يستطاب فيرى طيبا لما انقلبت المقاييس و حكم مقاييس الحق الباطل و الضلال و الانحراف و تزيين السوء.
شاهدوا تجليات جمال الله الحق في الوجود في السعادة و في جمال السعادة ,في السرور و الافراح ,في الحالات النفسية الجميلة , في الماضي المتولي البعيد , في الوداع , في الحب , في الموتى , في الفقدان , في الاحباب , في الاحلام الجميلة في اليقظة و المنام , في الامنيات , في كل الاحساسات الجميلة و المشاعر الجميلة الحسنة , في الرومانسية الجميلة , في الطبيعة , شاهدوا تجليات جمال الله الحق في كل نسيم عليل , في كل نسمة صباح او مساء, في كل لحن جميل , في لحن الخلود , في لحن الفناء , في كل اعنية جميلة , في جمال الحزن الدفين , في الاشجان , في دموع القوة , شاهدوا تجليات جمال الله سبحانه في جمال الروح , في غربة الروح و غرابة عالم الروح الغريب, في اشواق الروح و حنان الروح لله خالقها , في رفرفة ارواح الموتى و نسمات المؤمنين حول عرش الرحمان , في ترنيمات الروح في الفيافي و الاودية و السهول و الروابي و القفارو السموات السبع الطباق و طي المسافات سالكة طريقها الى خالقها , في ذكرياتنا مع الله الحبيب سبحانه الاول الاخر الدائم الباقي الازلي , في حب الله , في نعم الله علينا , في حالنا الماضية مع الله الحبيب في الماضي و الحاضر , في مناجاتنا لله , في عبادتنا لله المعبود , في وقفاتنا مع الله المعبود , في استشعار عز الله و عظمته و جلاله , في استشعار جمال الجنة , في الافكار و المعاني , في الالوان و الالحان , في جمال الموت , في الذكريات الجميلة و في صدى السنيين الجميل المرتد من الماضي الدفين البعيد.
اما انا العبد الفقير الى ربي و وليي و مولاي و الهي الله رب العالمين : انا محمد نينش المكاوي العلوي المتواضع لجلال الله و عظمته , قد كتبت هذا الموضوع و هذا اجتهاد مني فإن احسنت من الله عز و جل و بالله و عونه و حسن توفيقه و منَه و إن اخطأت فمن نفسي و الشيطان فأستغفر الله و انا بالله مستجير ثم انني مت و انتهيت و رحلت عن هذه الدنيا الى عالم بعيد , عالم الاخرة . لا اله الا الله محمد رسول الله.