قد يتبادر لذهنك فورا أنهم «قادة عظماء» أو «زعماء كبار» أو حتى «طغاة قساة»؛ ولكن ما يجمع بينهم فعلا هو الخوف من القطط.. نعم.. (الخووووف من البسس)..
وأنا شخصيا أجد متعة كبيرة في أن يبتلى جزار كبير (مثل جنكيز خان) أو ديكتاتور أحمق (مثل موسيليني) بالخوف من قطة آليفة لايتجاوز وزنها «نصف كيلوغرام».. ومن الممتع أكثر أن أياً منهم - على حد علمي - لم يستطع التخلص من حالة الرعب هذه حتى وفاته..
ومن الواضح طبعا أننا نتحدث عن حالة مرضية (تدعى الرهاب أو الفوبيا) لايمكن حتى لصاحبها تفسيرها بطريقة منطقية أو عقلانية.. فالخوف - بمعناه المعتاد - شعور طبيعي لدى كل البشر ولكن حين يتضخم باتجاه واحد (وبلا خطر حقيقي) يتحول لمشكلة نفسية تستدعي العلاج.
والفوبيا تتشكل غالبا بعد تجربة سيئة في الطفولة المبكرة تركت أثرا عميقا في العقل الباطن. وبمرور السنين قد ينسى المرء سبب المشكلة الأول (كسقوطه من مكان مرتفع أو احتجازه في مكان ضيق) ولكنه يسترجع معاناته كلما واجه مثلها مستقبلا..
وعلى هذا الأساس يمكن القول ان الفوبيا أنواع كثيرة ومتعددة - بتعدد البيئات وخصوصية التجارب ومستجدات العصر.. فالخوف من الطيران مثلا لم يكن موجودا حتى سبعين عاما مضت (لأن السفر بالطائرة لم يكن معروفا حينها). وفي حين اختفت حاليا فوبيا الطاعون والجدري (لانحسار هذين المرضين) بدأنا نسمع عن فوبيا الكمبيوتر والانترنت والجوال وكاميرات المراقبة. ورغم أن الخوف من القطط يعد من أكثر الأنواع انتشارا (ويدعى فيليني فوبيا) إلا أنه لايقارن مثلا بفوبيا الطيران أو الأماكن المرتفعة أو مواجهة الجمهور (... التي تحتل المراكز الأول من حيث الانتشار)!!
أما من حيث الأقدمية فقد تكون فوبيا القطط هي الأكثر عراقة واستمرارية في المجتمعات البشرية (عطفا على استئناسها منذ آلاف السنين). وحين أتأمل حياة الناس في المجتمع الفرعوني القديم أكاد أجزم بأنه كان من أكثر المجتمعات إصابة بهذا النوع من الفوبيا. ففي ذلك الوقت كان ينظر للقطط كمراسيل آلهية (تجمع أرواح الموتى) وكان يكفي أن تمر قطة سوداء في أي طريق كي يتفرق الناس في كل اتجاه (... وهو مايذكرني بفوبيا الأبقار المقدسة في بعض مناطق الهند)!!
والمشاهير بالذات يمكن أن يصابوا ب«فوبياتش محرجة ومخجلة بسبب مواقعهم المهمة ومناسباتهم المكشوفة.. فالزعيم الألماني هتلر، واليوغسلافي تيتو، والأمريكي رونالد ريغن كانوا مصابين بفوبيا الاحتجاز أو الخوف من الأماكن المغلقة. أما الموسيقار المعروف محمد عبد الوهاب والسياسي الفرنسي جورج كليمنسو فكانا مصابين بفوبيا الطيران.. أما الزعيم الهندي المهاتما غاندي فكان يخاف من الظلام ولحظات الغروب، وكان الكاتب الدنمركي هانس كريستيان يخاف من فكرة الدفن حيا (لدرجة تعليق ورقة قرب سريره كتب عليها: قد أبدو ميتا ولكنني في الحقيقة أغط في نوم عميق). ورغم أن المغني مايكل جاكسون يعاني من فوبيا الجراثيم ؛ إلا أنه لم يصل لمستوى الصناعي الأمريكي الكبير هوارد هيوز الذي احتجز نفسه في غرفة معقمة وكان يتنفس دائما عبر كمامة طبية!!!
قد يحكم الكثــيرون من زعماء العالم بلدانــهم بقــبضة من حديد. لكن ثمة أمورا قد تكون تافهة أحــياناً تثير خوفــاً «غير عقــلاني»، في نفوس بعضهم. في الآتي بعض الأمثلة عـن انواع «فوبيا» يعاني منها بعض هؤلاء:
الرئيس الليبي معمر القذافي يعاني من فوبيا الأماكن المغلقة (كلستروفوبيا) ويشعر بتوتر زائد عن الحد إذا كان في مكان مغلق، لذا يفضل أن يكون في خيم بدوية في الهواء، حتى عندما يسافر يحاول نصب خيمة في الهواء الطلق بدلا من الإقامة في الفنادق.
والمثير للجدل هي فوبيا الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، والذي كان يعاني من الأحصنة، والتي صنفت على أنها حالة فوبيا متقدمة، رغم أنه ينحدر من ولاية تكساس المشهورة بالحياة الرعوية وقيادة الأحصنة بكثرة.
وبالنسبة لرئيس كوريا الشمالية كيم يونج فهو يعاني من فوبيا الطائرات، ويضطر إلى السفر بالقطار دائما كما فعل في زيارته الأخيرة إلى الصين، بسبب تعرضه في شبابه إلى حادث تحطم طائرة هيلكوبتر جرح فيها جرحا بالغا. قد لا يكون كـيم مضــطراً إلى استثارة مخاوفه كثيراً، فهو لا يغادر بــلاده كثـيراً. حتى يقال ان اطول رحلة قام بـها كانت إلى موســكو، حــيث قطع مسافة 5800 ميل، بالسيارة.
أما عن المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل إنها تعاني من الخوف المرضي من الكلاب، لأنها تعرضت للعض من كلب شرس وهي طفلة، الأمر الذي حاول الكثير من الناس السخرية منه واستغلاله ضدها أحيانا.
وبعيد عن الفوبيا المرضية جاء السحر كأغرب ما يخشاه الرؤساء، حيث يعاني رئيس دولة بورما تان شوي من هوس غير مبرر بعلوم السحر والتنجيم، حتى أنه قام بنقل العاصمة من مدينة يانجون عام 2006 إلى قرية نيبيداو التي تفتقر إلى المياه والكهرباء وتكمن داخل الغابات بسبب تنبؤ المنجم بسقوط حكومة شيوي إذا لم ينقل العاصمة!
من جانبها، تشير الفنانة سمية الخشاب إلى أنها لا تستطيع أن تقف أمام منظر الخراف وهي تذبح لأن لديها “فوبيا” من منظر الدماء، وهذا يعود إلى أنها وهي طفلة صغيرة لم تتعد الست سنوات كانت واقفة لتشاهد مع أطفال العائلة مراسم الذبح، وما إن أمسك الجزار السكين ووضعه على رقبة الخروف إلا وانتشرت الدماء في كل المكان، وطالت قطرات منها وجهها فأصيبت بحالة إغماء، ومنذ هذا الوقت تكونت “فوبيا الدماء” لديها.