كيف كان يستقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم شهر رمضان؟ **
يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير الاستاذ بجامعة الأزهر:
يحق لنا أن نرهف السمع إلي نداء رسول الله صلي الله عليه وسلم قبيل رمضان.
حتي نتهيأ لذلك الشهر الكريم. ونتعرف علي معالم عظمة هذا الشهر.
ونقف علي ما أعده الله لعباده الصائمين. ففي حديث رواه ابن خزيمة والبيهقي
وابن حيان عن سلمان رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم
في آخر يوم من شعبان فقال: "يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك
شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر. جعل الله تعالي صيامه فريضة وقيام ليله تطوعاً.
من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدي فريضة فيما سواه ومن أدي فريضة
فيه كان كمن أدي سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة.
وشهر المواساة وشهر يزداد رزق المؤمن فيه. من فطر فيه صائماً كان
مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء.
قالوا يا رسول الله أليس كلنا لا يجد ما يفطر الصائم؟! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
يعطي الله عز وجل هذا الثواب من فطر صائماً علي تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن.
وهذا شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار. فمن خفف عن مملوكه فيه
غفر الله تعالي له وأعتقه من النار. استكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم عز وجل وخصلتين لا غني لكم عنهما. أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم
عز وجل فشهادة أن لا إله إلا الله وأن تستغفروه. وأما الخصلتان اللتان لا غني
لكم عنهما فتسألون الله تعالي الجنة "تعوذون به من النار..
ومن سقي صائماً سقاه الله تعالي من حوضي شربة لا يظمأ حتي يدخل الجنة".
أظن هذه الخطبة الجامعة لا تحتاج إلي تعليق. فهي واضحة المعني. جلية الأسلوب.
استوعبت كل ما يمكن ان يوجه إلي المسلمين لاستقبال شهر رمضان..
والتهيؤ لهذه العبادة الروحية السامية.. والصيام أحد أركان الإسلام.
وقد خصه الله تعالي بإضافته إليه. فقال الرسول صلي الله عليه وسلم
كما في الحديث المتفق عليه قال الله عز وجل: "كل عمل ابن آدم له
إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به". وفي توجيه هذه الاضافة أقوال للعلماء.
منها أنه لم يعبد أحد غير الله تعالي به فلم يعظم الكفار في عصر من الأعصار
معبوداً لهم بالصيام وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود والصدقة وغير ذلك.
وقيل: لأن الصوم بعيد عن الرياء. لا يطلع عليه إلا علام الغيوب. وكلما كانت
العبادة أخفي كان الثواب أجزل. وقيل: لأن في الصيام تشبهاً بالملأ الأعلي حيث
يستغني الإنسان عن الطعام والشراب والشهوة فترة زمنية حددها الله تعالي بقوله:
"أياماً معدودات". ولكل هذه المعاني وغيرها ضاعف الله تعالي ثواب الصائمين.
والكريم إذا أخبر بأنه يتولي بنفسه الجزاء اقتضي عظم قدر الجزاء وسعة العطاء..
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"كل عمل ابن آدم يضاعف. الحسنة عشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف.
قال الله عز وجل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به. يدع شهوته وطعامه من أجلي.
للصائم فرحتان فرحة عند فطره. وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فيه أطيب
عند الله من ريح المسك.