تعتبر مرحلة الحمل من المراحل الهامّة
للغاية في حياة الطفل بعد ولادته. وإذ من المتعارف عليه، أنه على الحامل الإعتناء بنفسها وصحتها من الناحية الغذائية أثناء فترة الحمل من أجل صحة طفلها مستقبلاً، فماذا لو كان بإمكانك التعرّف على ملامح شخصية طفلك قبل أن يولد؟
يفضّل العاملون في مجال الطب النفسي والصحة النفسية استخدام مصطلح «الحالة المزاجية الإنفعالية» عند الطفل بدلاً من شخصية الطفل، وذلك لسببين أساسيين، هما:
n أن شخصية الطفل قابلة للتغيير والنمو بصفة مستمرة يصعب توقّفها حتى استكمال فترة البلوغ.
n أن تحديد نمط معين لحالة الطفل المزاجية له جوانب سلبية، من أهمها أنها تعوق من تطوّر وتحسّن هذه الحالة، علماً أن هذه الأخيرة هي نتيجة التفاعل مع محيطه.
عوامل مسؤولة
تتمثّل العوامل التي تحدّد الحالة المزاجية الإنفعالية للطفل قبل أن يولد في:
.1العوامل الوراثية
تؤكّد معظم الدراسات أن الحالة المزاجية الإنفعالية للطفل خاضعة للوراثة بصورة كبيرة. وهناك دلائل واضحة على زيادة نسبة الإضطرابات السلوكية لدى أبناء الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات سلوكية وشخصية معادية للجميع، إضافة إلى زيادة المشكلات العاطفية واضطرابات النوم لدى أبناء الأمهات أو الآباء الذين يعانون من شخصية قلقة أو مزاجية.
.2 العوامل البيولوجية
من العوامل المحدّدة للحالة المزاجية الإنفعالية للطفل إصابات الدماغ المختلفة، خصوصاً تلك المؤثّرة في الجهاز الحرفي لأي سبب من الأسباب، كالإصابة بالإلتهابات البكتيرية والفيروسية وتعاطي المواد المخدرة والكحوليات أو التدخين، وتحديداً أثناء فترة الحمل الأولى.
..3نفسيّة الحامل
يؤدّي تعرّض الأم الحامل إلى ضغوط نفسية أو عاطفية أثناء الحمل إلى زيادة إفراز الغدة الجار كلوية لمادة «الأدرينالين»، ومعلوم أن استمرار الغدة في إفراز هذه الأخيرة على أجزاء معينة من دماغ الطفل تعرف باسم قرني آمون، يؤثّر مستقبلاً على الحالة المزاجية للطفل.
.4 الأجواء المحيطة بالطفل
غالباً ما يقترف الطفل سلوكاً معيّناً نتيجة لمؤثرات خارجية، علماً أن وجود أجواء تبعث على الحزن يساهم في حصول هذا الإنفعال لديه، بالإضافة إلى أن تعرّضه لضغوط مختلفة يساهم في قيامه بردة فعل معينة نتيجة لعدم تفهّمه أو قدرته على معرفة السلوك المقبول تجاه هذا الموقف.
طفل هادئ
في الموازاة، إن المرأة التي لا تعاني من أية ضغوط نفسية أثناء فترة الحمل وتكون على توافق مع زوجها ومن حولها، تنجب طفلاً هادئ الطباع لا يعاني مستقبلاً من أية مشكلة عاطفية أو سلوكية.
غذاء الحامل
من الناحية الغذائية، سألت «سيدتي» اختصاصية التغذية رضية برقاوي عن تأثير بعض المأكولات على صحة الطفل النفسية، فأشارت إلى أن بعض الأغذية تلعب دوراً بارزاً في مشاعر الطفل، من حبّ وهدوء وتركيز، إذ إن تداخل المواد الغذائية في الجسم ينعكس على التفاعلات الحيوية والكيميائية، ومنها بالطبع ما يحدث في الدماغ، الذي يؤثّر بدوره على ما ينتجه المخ من مواد كيميائية تعمل على نقل النبضات الكهربائية داخل المخ. وعن طريق هذه النبضات، يصدر المخ أوامره إلى وظائف الجسم المختلفة، ويسترجع الذكريات ويعالج المعلومات ويتعامل مع المواقف والأزمات وغيرها من الوظائف الأخرى... لذا، على الحامل أن تعتني بصحة غذائها وأن تحصل على كفايتها من «الكربوهيدرات» والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن، وذلك لصحتها وصحة جنينها الجسمية والنفسية. فقد ثبت علمياً أن المواد الغذائية المكوّنة من «الكربوهيدرات» تزيد نسبة «السيراتونين» في المخ، وهذا الأخير هو عبارة عن موصل عصبي يزيد من قدرة الجسم على التحمّل، بالإضافة إلى أنه يزيد الشعور بالهدوء والإطمئنان ويدخل السرور والراحة على النفس القلقة والمضطربة. وتنعكس هذه التأثيرات النفسية الهامة نتيجةً لتناول الحامل القدر الذي يحتاجه الجسم من المواد الكربوهيدراتية، كالحبوب والقمح والشعير والشوفان. وتعتبر السكريات المركّبة (الحبوب) أفضل من السكريات البسيطة(السكر المكرّر). ولأن الجنين وهو ما يزال في بطن أمه يتأثر بمزاجها وحالتها النفسية، ينبغي عليها أن تحرص على تناول المواد الغذائية التي تساعدها على الراحة النفسية، والإبتعاد عن المواد الغذائية
التي تزيد من توتّرها كالإفراط في
شرب المنبّهات مثل القهوة والشاي
والمشروبات التي تحتوي على الكافيين.
حالات طبية
من جهتها، تقول الإستشارية في أمراض النساء والولادة في مستشفى العزيزية للولادة والأطفال الدكتورة صفاء عباس قمصاني «إن هناك بعض الحالات الطبية التي يتعرّض خلالها الجنين لمشكلات تؤثّر على صحته أو سلوكياته بعد أن يولد». وتضيف: «من بين هذه الحالات، تعرّض الجنين لنقص الأوكسجين أثناء الولادة نتيجة لأسباب منها انفصال المشيمة الجزئي، فترات الحمل الطويلة للطفل، حالات النقص في الماء الموجود حول الطفل والمصاحب لقصور في نمو الجنين IUGR أو حدوث تعسّر في الولادة ناتج عن نقص الأوكسجين، وكذلك الولادة المبكرة... وتؤدي كل هذه العوامل إلى التأثير على قدرة الطفل في التعلّم.
ومن الناحية السلوكية، يميل إلى العصبية وفرط النشاط في الحركة، وذلك يعتمد على درجة التأثر في نقص الأوكسجين أثناء الولادة».