هل كان النبي صلى الله عليه وسلم نوراً ،
أم بشراً ، وهل صحيح أنه لم يكن له ظل حتى وإن كان في الضوء ؟.
الحمد لله
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم أجمعين ، وهو بشر من بني
آدم ، وُلِد من أبوين ، يأكل الطعام ويتزوج النساء ، يجوع ويمرض ،
ويفرح ويحزن ، ومن أظهر مظاهر بشريته أن الله سبحانه توفاه كما يتوفى
الأنفس ، ولكن الذي يميز النبي صلى الله عليه وسلم هو النبوة والرسالة والوحي .
قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) الكهف/110 .
وحال النبي صلى الله عليه وسلم في بشريته هو حال جميع الأنبياء والمرسلين .
قال الله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ) الأنبياء/8 .
وقد أنكر الله على الذين تعجبوا من بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ،
فقال سبحانه : ( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ )
الفرقان/7 .
فلا يجوز تجاوز ما يقرره القرآن الكريم من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
وبشريته ، ومن ذلك : أنه لا يجوز وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه نور
أو لا ظل له ، أو أنه خلق من نور ، بل هذا من الغلو الذي نهى عنه النبي صلى
الله عليه وسلم حين قال : ( لاْ تُطْرُونِيْ كَمَا أُطرِيَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ ،
وَقُولُوْا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري (6830) .
وقد ثبت أن الملائكة هي التي خلقت من نور ، وليس أحد من بني آدم ،
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خُلِقَت المَلائِكَةُ مِن نُورٍ ،
وَخُلِقَ إِبلِيسُ مِن نَارِ السَّمومِ ، وَخُلِقَ آدَمُ عَلَيهِ السَّلامُ مِمَّا وُصِفَ لَكُم )
رواه مسلم (2996) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" (458) :
" وفيه إشارة إلى بطلان الحديث المشهور على ألسنة الناس :
( أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ) ! ونحوه من الأحاديث التي تقول بأنه
صلى الله عليه وسلم خلق من نور ، فإن هذا الحديث دليل واضح على أن
الملائكة فقط هم الذين خلقوا من نور ، دون آدم وبنيه ، فتـنبّه ولا تكن من
الغافلين " انتهى .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء السؤال التالي :
هنا في الباكستان علماء فرقة ( البريلوية ) يعتقدون أنه لا ظل للنبي صلى الله
عليه وسلم ، وهذا دلالة على عدم بشرية النبي صلى الله عليه وسلم .
هل هذا الحديث صحيح . ليس الظل للنبي صلى الله عليه وسلم ؟
فأجابت : " هذا القول باطل ، مناف لنصوص القرآن
والسنة الصريحة الدالة على أنه صلوات الله وسلامه عليه بشر لا يختلف
في تكوينه البشري عن الناس ، وأن له ظلا كما لأي إنسان ،
وما أكرمه الله به من الرسالة لا يخرجه عن وصفه البشري الذي خلقه الله
عليه من أم وأب ، قال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوْحَى إِلَيَّ ) الآية ،
وقال تعالى : ( قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) الآية .
أما ما يروى من أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور الله ،
فهو حديث موضوع " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/464) .
هل خلق النبي صلى الله عليه وسلم من نور
السؤال:
قرأت في كتابين أن النبي المصطفى كان أول من خلق الله وقد خلقه الله من
نور وكان هو السبب الوحيد الذي خلق الله بقية الخلق لأجله.
أنا غير متأكد من هذا فأرجو أن توضح وشكراً
الجواب:
الحمد لله
ورد مثل هذا السؤال على اللجنة الدائمة للإفتاء وهذا نصه :
السؤال :
إن جل الناس يعتقدون أن الأشياء خلقت من نور محمد صلى الله عليه وسلم
وأن نوره خلق من نور الله ويروون : " أنا نور الله وكل شئ من نوري "
ويروون أيضا : " أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم "
فهل لذلك من أصل ؟ ويروون : " أنا عرب بلا عين أي رب أنا أحمد
بلا ميم أي أحد " فهل لذلك من أصل؟
الجواب :
الحمد لله
وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله إن أريد به أنه نور ذاتي
من نور الله فهو مخالف للقرآن الدال على بشريته ، وإن أريد بأنه نور باعتبار ما
جاء به من الوحي الذي صار سببا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح ،
وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك هذا نصها : للنبي صلى الله عليه وسلم
نور هو نور الرسالة والهداية التي هدى الله بها بصائر من شاء من عباده ،
ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله . قال تعالى : " وما كان لبشر أن
يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء
إنه عليم حكيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب
ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى
صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى
الله تصير الأمور " سورة الشورى الآية 73 , وليس هذا النور مكتسبا من
خاتم الأولياء كما يزعم بعض الملاحدة ، أما جسمه صلى الله عليه وسلم
فهو دم ولحم وعظم .. إلخ ، خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته
وما يروى أن أول ما خلق الله نور النبي صلى الله عليه وسلم أو أن الله قبض
قبضة من نور وجهه وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم فنظر
إليها فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا أو خلق الخلق كلهم من
نوره صلى الله عليه وسلم فهذا وأمثاله لم يصح منه شئ عن النبي صلى
الله عليه وسلم ، ومن خلال الفتوى السابقة يظهر أنه اعتقاد باطل .
وأما ما يروى :
أنا عرب بلا عين فلا أساس له من الصحة وهكذا أنا أحمد بلا ميم .
وصفة الربوبية والانفراد من الصفات المختصة بالله سبحانه وتعالى فلا يجوز
أن يوصف أحد من الخلق بأنه الرب ولا أنه أحد على الإطلاق ،
فهذه الصفات من اختصاص الله سبحانه ولا يوصف بها الرسل ولا غيرهم من
البشر . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . فتاوى اللجنة الدائمة 1/310
السؤال :
هل يقال أن الله خلق السماوات والأرض لأجل خلق النبي صلى الله عليه
وسلم وما معنى لولاك لما خلق الأفلاك هل هذا حديث أصلا هل صحيح
أم لا . بين لنا حقيقته ؟
الجواب :
الحمد لله
لم تخلق السماوات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم بل خلق لما
ذكره الله سبحانه من قوله عز وجل : " الله الذي خلق سبع سموات ومن
الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن
الله قد أحاط بكل شئ علما " , أما الحديث المذكور فهو مكذوب على النبي
صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة . وصلى الله على نبينا محمد
وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
هل الرسول صلى الله عليه وسلم حي وحاضر في الأرض الآن
المقالة التالية أعلنت أن روح النبي صلى الله عليه وسلم موجودة دائماً في
جميع الأوقات والآتي هو معظم المقالة وأدلتها . هل ما يقولونه صحيح؟
إنه اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الرسول صلى الله عليه وسلم
1- حاضر ويرى في جميع الأوقات
2- على علم ومشاهدة بخلق الله
3- قادر على أن يكون موجوداً في أماكن متعددة في نفس الوقت
وهاهي الأدلة:
(ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهداً)
(فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً)
لاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كونه يدعى شاهداً على كل الأمم التي
خلقها الله على هذه الأرض لذلك فلا بد أن النبي صلى الله عليه وسلم حاضراً
قبل ظهوره المبكر ولا يزال حاضراً بعد الميراث الأرضي ، وإلا ما كان يمكن أن
يقال عنه شاهداً على مجريات الأمور الحقيقية ويوجد آيات كثيرة تقول بأن
الرسول صلى الله عليه وسلم شاهداً.
نقطة فنية: الآيات القرآنية التالية تبين أن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يكن موجودا قبل ظهوره المبكر
( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم )
أي أن النبي صلى الله عليه وسلم موجوداً " أي بجسمه يتكلم ".
الحمد لله
الرسول عليه الصلاة والسلام أكمل الخلق ، وأفضلهم ، وأحبهم إلى الله ،
وأكرمهم عنده ولا يعني هذا أن يسلب خصائص البشر ، أو أن يصرف شيئا
من حقوق الرب له . فالرسول عليه الصلاة والسلام بشر يعتريه ما يعتري
البشر من الأمراض والموت الحقيقي قال تعالى : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) ،
وقال تعالى : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن متّ فهم الخالدون ) .
فالرسول عليه الصلاة والسلام مات ودفن في قبره ، ولذا قال الصدّيق
أبو بكر رضي الله عنه : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد
الله فإن الله حي لا يموت .
وكونه عليه الصلاة والسلام شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وكونه شهيدا يوم القيامة
لا يعني أنه حاضر جميع الأمم ، ولا أن حياته عليه الصلاة والسلام مستمرة
دائمة إلى يوم القيامة ولا أنه يشاهد وهو في قبره إذ ليس طريق الشهادة
مقتصرا على المشاهدة ، بل يشهد على الأمم بما أخبره الله به سبحانه
وتعالى ، وإلا فهو لا يعلم الغيب ، قال تعالى :
( ولو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت من الخير ) .
ولا يقدر عليه الصلاة والسلام أن يوجد في أماكن متعددة بل هو في مكان
واحد وهو قبره عليه الصلاة والسلام وهذا بإجماع المسلمين .